12 فبراير، 2013


الجدار


قصة قصيرة.


ح

... الضحى.. ثلاثتهم يستندون إلى الجدار المتقشّر.
ــ لماذا ندفن أنفسنا في هذه القرية المنسيّة.. المغبرّة؟
ــ ما رأيكم في السفر؟
ــ إلى أين؟
ــ العالم واسع.. ثمة آفاق دائماً.
ــ ألن يأكلنا الحنين؟
ــ الحنين لهذا القَفْر؟! للعجاج؟! لبلاد أهلها دائماً في عجلة من أمرهم ولا يفعلون شيئاً؟!

ن

   ... محطّة الأجرة.. يركب كل منهم سيارة.. كل منهم يجلس في الكرسي الخلفي.. كل منهم ينفث البخار ويمسح الزجاج بمرفقه.. كل منهم ينظر إلى القرية تبتعد وتصغر خلف غبش الزجاج.

ي

   ... تختفي القرية.. تتلفّت القلوب.. تلتقط التفاصيل التي لا تلتقطها العين.. البيوت الواطئة المسقوفة بالصفيح المتموج.. ديك (غالية) الذي يؤذن على درج كنيسة الطليان القديمة ذات السقف القرميدي المحدّب.. البئر.. السواقي المتعرجة.. لهب التنّور.. وأرغفته الساخنة المقرمشة.. رائحة أحواض النعناع والحبق.. بيت المومس في الغابة المجاورة.. التي حفر المتسللون إليها درباً في الصخور.. السكارى الذين يتبرعون لبناء المسجد.. الجدران الملطخة بالكتابات الداعرة وشعارات الثورة...

ن

   ... في المساء.. ثلاثتهم يستندون إلى الجدار المتقشّر.. ويضحكون..!

***
(2012)

هناك 3 تعليقات:

  1. الوطن حنين .. الجدار لو مت قشر يظل سند

    ردحذف
  2. تختفي القرية.. تتلفّت القلوب
    روعة بارك الله فيك

    ردحذف
  3. لا شئ كجدار يسندك و إن كان متقشرا .. فمهما طفت العالم يبقى جدارك على اصالته يحميك من السقطات و العثرات .. أنا اراه أبي .

    ردحذف