13 يوليو، 2011

لكم شاكيركم.. ولنا شاكيرنا..


(ملاحظات على إذاعة ليبيا الحرة المسموعة من البيضاء)
حين كنا نتحدث ونسخر من أكاذيب إعلام نظام القذافي.. قالت صحفية أجنبية بصراحة جارحة: (الثوار أيضاً يكذبون!!).. واكتفينا بالخجل.. فنحن لا نريد أن نكذب أيضاً على صحفية تستمع إلى إذاعات الثوار.. فإذاعة مثل إذاعة ليبيا الحرة المسموعة التي تبث من مدينة البيضاء.. وتحت حُجة الخطاب التعبوي.. انتهجت أسلوب الرد على أكاذيب إعلام النظام بأكاذيب أكبر منها.. على طريقة الصحّاف.. وكأنّ إعلام النظام قدوة.. وفي ماراثون الكذب هذا خسر إعلام الثوار المسموع المصداقية.. حتى إن الناس أطلقوا على إذاعة ليبيا الحرة المسموعة من البيضاء اسم (مكذبة راس التراب).
فحين تستمع إلى إذاعة ليبيا الحرة من البيضاء تكتشف أن الثوار قد دخلوا مدينة سرت.. وتجاوزوها إلى تاورغاء.. وأن طرابلس قد تحررت.. وأن الثوار قد قاموا بتمشيط باب العزيزية.. هذا طبعاً بعد رحيل القذافي إلى أوغندا!! وتناوله العشاء مع موسيفيني!! وأن شوال السكر في طرابلس تجاوز 400 دينار.. وأن عنزاً فبرايرية من معيز الجبل الأخضر قد أنجبت جدياً بألوان علم الاستقلال.. فإذا كان لإعلام القذافي شاكيره.. فلنا شاكيرنا أيضاً.. بل إن شاكيرنا قد تجاوز شاكيرهم بمراحل!!
فهل الخطاب التعبوي يعني الكذب؟ أم أن بعض المذيعين اكتشفوا فجأة أن الكذب على الأثير يجعلهم نجوماً برّاقة من نجوم الثورة؟ بعد أن كان كذبهم لا يتجاوز المرابيع والقعدات الخاصة.
الأخطر من هذا أن إذاعة ليبيا الحرة المسموعة من البيضاء قد تبنّت خطاباً قبلياً.. وأخذ بعض مذيعيها ينالون من بعض قبائل الجبل الأخضر بالاسم.. بل وصل الأمر بأحد المذيعين إلى أن توعد إحدى القبائل بالتصفية ابتداء من يوم السبت!! وهو خطاب تحريضي جعل بعض شباب هذه القبائل يجتمعون مسلحين لمهاجمة هذه الإذاعة لولا تدخل بعض العقلاء.. فهل هذا الخطاب المتصحّر الذي يستخف بعقل المستمع هو خطاب الثورة التي دفع الشعب الليبي ـ ولايزال ـ ثمنها غالياً؟ وهل هذه هي ليبيا الحرة التي حلمنا بها؟! وهل المجلس الوطني الانتقالي يتبنى خطاب هذه الإذاعة؟ وهل الخطاب الحر يعني الكذب باسم الثورة؟ فإعلام يعجز عن الارتقاء إلى مستوى رقي هذه الثورة لا حاجة له.. لأنه جعل الآخرين لا يجدون فرقاً بين إعلام الثورة وإعلام النظام.. فينبغي أن يكون هناك فرق بينك وبين عدوك.. وإلا فما الحاجة إلى محاربته؟
***
الخميس.. 16 يونيو 2011
نُشر بصحيفة ميادين العدد الثامن 5 يوليو2011

06 يوليو، 2011

تواريخ ...

... الرفاق يتحلّقون حول اللهب.. ظِلالهم تتداخل على الصخور المحيطة.. خيط الشاي الأخضر الساقط يرغرغ داخل الأكواب.. الرغوة تصعد إلى الحواف.

ــ من منكم يتفطن لخطاب الزعيم الذي ظهر فيه مرتدياً سروالاً قصيراً فوق الركبة؟

ــ أعرفه.. هو الخطاب الألف وستمائة للزعيم.

ــ ذلك الخطاب هو تاريخ زواجي.

ــ الخطاب الذي شتم فيه الأمم المتحدة؟

ــ لا.

ــ الخطاب الذي ألغى فيه الدستور والقوانين؟

ــ لا.

ــ الخطاب الذي قال فيه: (أوروبا صقع عليكم).

ــ (صقع عليكم) هو تاريخ ذهابنا للحرب في صحراء تشاد.

ــ خطاب الثمان دجاجات وديك؟ الذي ظهر فيه بلباس مرقط يشبه النمر؟

ــ لالا.. خطاب الثمان دجاجات وديك هو وفاة جدّتي رحمها الله.. وظهر فيه حاسر الكتفين.

ــ أنا تخرّجت في اليوم الذي ألقى فيه الزعيم الخطاب رقم أربعة آلاف وثلاثمائة.. الخطاب الذي قال فيه: (سنخرق الأرض ونبلغ الجبال طولاً).

ــ حطّيت نعناع؟ أنا حضرت مباشرةً الخطاب الذي قال فيه: (محمد مجرّد ساعي بريد).

ــ الذي صلّى فيه المغرب ركعتين؟

ــ لا.. الخطاب الذي شرح فيه أن المرأة تحيض.. والرجل لا يحيض!

ــ آه.. الخطاب الذي اكتشف فيه أن المرأة أنثى.. و الرجل ذكر!

ــ وأفتى فيه أن الخمر غير محرمة في الأماكن الباردة!

ــ ضع المزيد من الحطب.. والخطاب الذي قال فيه إن الجنة بالحظ؟

ــ ذلك لم يكن خطاباً.. كان كلمة تاريخية لم تتجاوز الثلاث ساعات.

ــ أنا لا يمكن أن أنسى خطاب الزعيم الذي قال فيه إن المثرودة ليست أكلة شعبية.

ــ ذلك قبل خطابه الذي قال فيه بأن البيبسي مصنوعة من أمعاء الخنازير.

ــ لا وأنت الصادق.. قبل الخطاب الذي هاجم فيه ربطة العنق.. وقال إنها تشبه الصليب.. وظهر فيه بلباس الساموراي.

ــ صحيح.. الخطاب رقم خمسة آلاف.

ــ لالا.. الخطاب خمسة آلاف هو الذي وضع فيه الزعيم الريش الأحمر فوق رأسه.. مثل الهنود الحمر.

ــ ذلك الخطاب سمّاه الناس (خطاب البوعبعاب).

ــ هو اليوم الذي توفي فيه أبي.

ــ أليس هو الخطاب الذي أفتى فيه بأن من حق المرأة أن تتزوّج أربعة رجال؟

ــ يبدو أنك غير متابع لخطابات الزعيم.. بل هو الخطاب الذي وضع بعده الحذاء على شاشة التلفزيون في وجوه المشاهدين.

ــ صحيح.. ذلك تاريخ ذهابنا للقتال في أوغندا.

ــ وخطاب الناقة؟

ــ أي ناقة؟

ــ الناقة التي سقط من فوقها وكُسرت ساقه.

ــ آه.. أذكر ذلك.. كان بعض مريديه يرتدون اللباس الأخضر الفضفاض.. ويستعدون لملاقاته بالدفوف وهو فوق الناقة.. وينشدون: (طلع البدر علينا).

ــ يا خسارة.. البدر طاح من فوق الناقة!

ــ يوم سقوط الزعيم من فوق الناقة هو مولد ابني البِكْر.

ــ حَرّك الجمر.. من منكم يذكر أول خطاب للزعيم المزمن؟

ــ أنا لا يمكنني أن أذكره.. فلم أولَد بعد في ذلك التاريخ.

ــ هههه.. أنا يستحيل أن أتذكّره.. فأبواي لم يتزوجا بعد.

ــ حتى أبي لم يولد بعد!

ــ تأخّر الليل.. ألم تلاحظوا أن الشاي أخضر؟

ــ هاهاها.. البحر الأخضر المتوسط!

ــ للأمانة.. الزعيم له نوادره.

ــ أخشى أن الديمقراطية ستأتينا برئيس جادّ.. يرتدي بذلة أنيقة.. ويخطب باقتضاب من ورقة.

ــ غريب! هذه أول مرة أسمع أحداً يخاف الديمقراطية!

ــ أنا سمعت خطيباً سلفيًّا يقول: (الديمقراطية دِين الكُفّار).

ــ ويصف الثوار بأنهم خوارج عن طاعة ولي الأمر.

ــ مضحكة حكاية ولي الأمر هذه.

ــ صبّ طاسة أخرى.. يا الله.. سنفتقد طرائف وقفشات وليّ الأمر!

***

(السبت 2011.6.4)