24 يوليو، 2010

انتظار

1
... جائع أنا.. ومقرور.. قابع تحت ورقة جافة..ساقطة على أرض الغابة.. يُنقّط فوقها المطر.. منذ زمن لم يمر أحد لأعلق به.. لا أحد بجانبي لأبادله الحديث.. لذلك سأتحدث إلى الربّ.. فالربّ موجود دائماً.. حتى حين تعتقد أنك وحدك تحت ورقة جافة.. ساقطة على أرض الغابة.. يُنقّط فوقها المطر.
لست في حاجة إلى الخروج من تحت ورقتي لأنظر إلى السماء.. فالربّ على الأرض أيضاً.. رغم محاولة بعضهم إقصاءه إلى السماء.. لتكون الأرض لهم وحدهم.. لكن قبل كل شيء كيف سأخاطب الرب؟
أرجلي الست تتحرّك.. مما يجعل الورقة الجافة تخشخش.. يبدو أن ذلك لن يكون مُجدياً في إيجاد الكلمات التي تليق بجلال الربّ.
2
... البارحة حلمت أنني في الجنة.. فأنا أؤمن بأنّه لا بد أن تكون هناك حياة أخرى في مكانٍ ما أفضل من هذه الحياة.. إذ لا يُعقَل أن تكون حياتنا القصيرة التي نهدرها في انتظار مرور أحدهم لنصعد مع أرجله هي كل شيء.. ثم ماذا عن العدالة؟ إذا كان من المستحيل أن توجد عدالة وسط هذا اليباس.. فلا شك أنها ستوجد في مكان أكثر أخضراراً.. لكنني حين تحركت خشخشت الورقة.. فأدركت أن هذه ليست هي الجنة.. إذ من غير المعقول أن توجد في الجنة أوراق يابسة!
3
... حين أجوع أفقد إيماني.. لكنني أسترجعه مرة أخرى حين تنتفخ بطني بالدم.. ها هي أرجلي الست تتحرّك دون إرادتي.. عادة سيئة ورثتها عن القُراد الأول.. كعادته حين يشرع في التفكير.. أو ربّما لأنه لا يملك شيئاً آخر يمكن تحريكه سوى أرجله.. سأرفع أذرعي لمخاطبة الربّ:
ــ ينهشني سؤال.. سؤال واحد فقط يا ربّ.. فبعض الأسئلة لها مخالب: لماذا اقتضت مشيئتك إيجاد مخلوق بشع مقزّز مثلي.. حياته متوقفة على الالتصاق بالآخرين؟ يعيش على دمائهم.. مصّاص دماء.. واخز.. مُكّدِّر صفو.. مُنغِّص عيش.. نعم.. هذه هي الكلمات المناسبة.. فمي عبارة عن مشرط يخترق أكثر الأجساد سماكة.. لقد جعلني ذلك منبوذاً.. أحس بأنني زائد عن هذا العالم.. ألا ينبغي أن يشكّل وجودنا إضافة؟ بالطبع مخلوق وضيع مثلي يعجز عن إدراك مشيئتك.. لكن لا يمكنني أن أكفّ عن طرح الأسئلة.. فالأسئلة تخشخش هي الأخرى.
4
... أعلم أنني لن أتلقّى إجابة فوريّة.. ها أنا أصمت.. أصغي.. أتكوّر على نفسي.. أنتظر أن تقرمش الأوراق تحت أقدام أحدهم لأتشبث به.. فأنا لا أملك جناحين.. لا أستطيع حتى القفز.. سفري يكون بأقدام الآخرين.. أو أجنحتهم.. مرة علقت بالخفاش.. يااااه!! حلّقت عالياً وسط الظلمة.. لكن الخفاش على كل حال كائن مقزِّز هو الآخر.. بالطبع لا علاقة لهذا بسبب منافسته لي في امتصاص الدم.. هو يلعق دماء الآخرين.. وأنا ألعق دمه.. يا لها من حياة قائمة على اللعق!
قررتُ أن أقوم بعمل صالح قبل أن أموت.. أرجلي الست لا تكفّ عن الحركة.. ولكن.. ما هو العمل الصالح الذي يمكن أن يقوم به قُراد يرتجف تحت ورقة جافة ساقطة على أرض الغابة.. يُنقّط فوقها المطر؟!
***
(2010)

03 يوليو، 2010

وداعاً صديقي

انتقل إلى جوار ربه صباح الجمعة 2010.7.2 صديقي ورفيق العمر: (سالم ماضي عبدالونيس).. طيّار عمودي.. 48 عاماً.. لماذا يرحل الأصدقاء فجأة.. دون حتى كلمة وداع؟