30 مارس، 2009

حَقفة رومل

هذا الكهف الذي اتخذه (رومل) مقراً لقيادته في الحرب العالمية الثانية أثناء وجوده في ليبيا.. يقع في منطقة (الغريقة) بالقرب من المدخل الجنوبي لمدينة البيضاء بالجبل الأخضر.

مشهد خارجي للكهف.. عدسة: د. فرج نجم

من داخل الكهف.. عدسة: أحمد يوسف عقيلة
إطلالة من كوّة داخل الكهف..
عدسة: أحمد يوسف عقيلة
عدسة: أحمد يوسف عقيلة
إطلالة من داخل الكهف على القمامة.. فأين أمانة السياحة؟!
أحمد يوسف عقيلة..عدسة: د. فرج نجم
د. فرج نجم.. وأحمد يوسف عقيلة في مدخل الكهف.. حيث الصعود مع درج منحوت في الصخر.
عدسة: د. فرج نجم
صورة مهداة إلى أمانة السياحة.. مكبّ القمامة أمام حقفة رومل.. ضاقت!!!
عدسة: د. فرج نجم
صورة مهداة أيضاً إلى أمانة السياحة.. الكهف تحوّل من مَعْلَم تاريخي إلى موقد نار.. لعلّ أمانة السياحة والجهات المسؤولة في بلادنا يعتقدون أنه لا شأن لنا بحقفة رومل.. فهو تاريخ لا يخصّنا.. بل يخص الألمان بالدرجة الأولى.. بهذا المنطق يمكن أن يُقال إن معظم الآثار التي في بلادنا لا تخصنا أيضاً.. فهي للفينيقيين والإغريق والرومان والأتراك والطليان وغيرهم.. أليست آثاراً إنسانية؟! أليس الكهف لنا؟! أم إن رومل أحضر كهفه معه حين حارب في ليبيا؟!

26 مارس، 2009

سرِيْب الْمَقْرُوْن

الحاجّة رَجعة بنت يونس تستعيد أَحداث مُعتَقَل الْمَقْرُون
حاورها: ابنها أحمد يوسف عقيلة بتاريخ 2007.9.22
الحاجّة الْمُجاهِدة رَجْعة يونس عبدالله سليمان البَرعصي من مواليد جنوب الجبل الأخضر سنة 1911 تسكن قرية عمر المختار بالجبل الأخضر.. حضرت معارك: عَقِيرة المطمورة ـ عَقيرة الخيل ـ الرّحَيبة ـ الْمحَجّة ـ الجوزات ـ الزَّيتون).(المصدر: من أعلام الجهاد لمصطفى سعد الهاين).
ـ يا حاجّة رَجْعة.. نهارِك سعيد.. نبُّوك اتْخرّفينا.. تَسْمعي فِيّ والاّ انْعَلِّي حِسِّي؟
ـ يسّهل الله.. السّمَع فيه ثَقْلَة والنّظر دَفْر.. هي قَولة الشاعر:
لا وذْن تَسْمَع لا عيُون ايْحقَّن
لا عظام عنْدي في البعِيْد يطِقَّن.
ـ البركة مازالَت.. رَبِّي يعَطِيك طَولة العمْر.
ـ (تَضْحَك) لا والله العمر طال نَيْن سمَط.. الحمد لله.. الدّنْيا ما عنْدي عَلَيْها شِيْ حَسُوْفَة.. عِشْت فيها ما سَدّ.. ورفاقْتِي كلّهم عَدَّوا.
ـ احْكي لنا ع الْمَقْرُون.
تغمض عينيها وتهزّ رأسها: سرِيْب طويل.. الله لا يعيده عَلَيْ مسلم.. في الْمَقْرُون كان عمري خَمسطاش والاّ ستطاشَر سنة.. لا أبّ لا أمّ.. بُوي مات في الحرب.. وأمّي ماتت ونا في ظهرها.. وَيْنما يخَطِّم طَيْر حَمام نبقو نقولو:

يا طَيْراً ما شي لْجبَلْنا..
قُول لْهَلْنا..
رانا في الْمَقْرون نزَلْنا.
يقولوا لنا الكبار: ماعد عندكم شِي هَل في الجبل.. هَلْكَم كلّهم في الْمَقْرون.
ـ يا حاجّة رَجْعة.. احكي لنا قَبْل.. أَيْش وَصّلِك للمَقْرُون.
_ بعد ماتت أمّي ومات بُوي وتقَزّنت عشْت مع بنت عَمّنا اهْوَيّنة.. رفيقة عصمان الشامي.. مشيت معاها للسَّلُّوم.. بعَدها الطليان يَسّروا عصمان الشامي.. وضمَنه الشارِف الغرياني.. ما خَلاهمش يشَنّقُوه.. وخَذه وخَلاّه معاه في حَوشه في بنغازي.. ودَزّ عَلَيْ اهْوَيّنة ونا مازلت معاها.. جِينا م السَّلُّوم في بابور بحر.. وينما نزَلْنا في مِينا بنغازي الْقينا عصمان الشامي ومعاه الشارِف الغرياني.. قعَدت مع اهْوَيّنة في بيت الشارِف.. كنت عَريانة وحَفيانة.. كَسّانِي عصمان الشامي.. شرا لي ارداء وثَوب.. بعدها عِلْمَتْنِي عَمّتِي رابحة بنت عبدالله.. كَيْ عِلْمَتْنِي جَت وخَذَتْنِي للمَقْرون.. هَلْنا كلّهم حايزهم الشّبَردق.. نحنا يا البراعصة في المقرون.. والعْبَيدات في العْقَيلة.. ومعانا ادرسه ومرابطين وكل القبايل.
ـ احْكي لنا علي يوم كامل في المقرون.. من طَلعة الشمس لاعند الليل.
ـ إيْوَة.. ما حَتّى انْعَطّلَك.. وَينما تطلع الشمس ايْجوا العسكرية الطليان ويقولوا للصّبايا رَفّعَن لروقة.. اروقة البيوت.. البيوت كلهن مقَرّنات في بعضهن.. أشواط أشواط.. وينما يرَفّعَن لروقة يبقوا يبخُّوا في دوا.. خايفين م المرض.. بعَدها يقسّموا علينا الرَّسْيوني.. كل بيت قدَح دقيق.. وكلّ مجموعة بيوت عندهن تَنُّور.. فيه صبايا يربطوهِن علي سَنّورة.. عَمود لوح طويل.. النهار وما طال لاعند الليل.. هذا دَيْدانْهم.. ما ايْخَلّوهن حتى يرضعَن عَويلهن.. يبقن يرضعن فيهم الصبايا لخرات.. كلّ وحْدة اشْوَي.. كلّ وحْدة اشْوَي.. مَصّة مَصّة.. ما اهْناك شِي حليب.. الحليب امْنَيْن؟ الحليب م الوكال الوكال ما اهْناكش.. الشّبَرْدَق فيه أربع أفواه.. كل فم تقابل فيه جبّانة.. والدفن ليل نهار.. اللي ما يموت من المشنقة.. يموت من الجوع.. حتى في الليل يدفنوا علي ضَيّ الفنار.
ـ قُولِي لِي يا حاجّة.. كانوا يجّوزَوا في المقرون؟
ـ إي والله! وحَياتَك معَ ها المعيشة الغَبْرا الدّبْرا كانن في جوايز.. يجيبوا الولِيّة عَلَيْ كرْعَيْها لاعنْد البيت.. ويلتَمَّوا.. كِلّ حَدّ يجيب رَسْيُونِيّه.. قدَح دقيق.. هذا حَدّها.. ويرْمَن الصبايا ويطَيّبَن الخبْزة.. وياكلوها معَ بعضهم.. إن كان فيه إيدام والاّ حَدُور باهي.. ما فيه ياكلوها حافية.. وباتَت الرِّيْح باتَت المطَر.. لو كان ما يجَّوزوا راهم منْقرضيْن.
ـ كانوا يقَرُّوا في العَوِيل في المقرون؟
ـ في لَوّل ما سال عَلَيهم لا والِي.. العرب ما يحسابَوا أَرْواحّم يطَولُوش في المقرون.. بعَد أَيّسَوا م الطَّلْعَة تَمّوا يقَرُّوا في العَويل خفْية.. ما يكتبوا الاّ بفحم.. ياخذوا فيه م التَّنُّور.. كِلّ يوم يبْرمُوا عَ التنانِيْر ويلمُّوا الفحم.. هذا دَيْدانْهم.. بعَدها خذوا برْمَيْس م الطليان.. ولَمَّوا العَويل وتَمَّوا يقَرُّوا فيهم في السّكُولا.. السّكُولا عند الطليان هي المدرسة.
ـ احكي لِي عَلَي يوم العَقِيْرة.. عَقِيْرة أمّ الشفاتِيْر.
ـ يوم العَقِيْرة.. كثروا الطليان ومعاهم المسوَّع والشناوير والبَندة.. كَيْ كثروا الطليان تَمَّوا العرب يسوقوا في الرّحْلان امقبِّل.. الرّحيل كمَن في العَقِيْرة.. والرّجّالة تَومْجَوا قبل الرّحيل.. الطليان سلاحهم ثقيل.. ومعاهم طيّارات.. والوطن بَرّ.. سفَرتَح.. تغلّبوا ع الرّجّالة.. هَيّسَوا عليهم.. اجفلَوا.. وينما اقْرَيِّب ايْجَبُّوا ع الرّحيل صَرَّخ حسين الجويفي.. قال: لا إله إلاّ الله.. وَين ماشيين.. قدّامكم صبايا وعيال.. مازالوا صغار.. الدَّور علينا نحنا في الموت.. اعْقْلُوا في لَرْض.. اعْقَلَوا ورَدَّوا الطليان.. واستشهد حسين الجوَيّفي.. عَلَيك راجِل حسين الجوَيّفي.. ما جاباته لا متْحَزّمة.
ـ وايْش حكاية الناقَة اللي قعَدَوا في ذراها؟
ـ الناقَة عليها حِمْل.. وَينما قعَدَوا في العَقيرة تَمّا الطير ايْطَيّح عليهم في البمب.. والبِل راحَت طراطيش.. وما اهْناك وين يلتجُوا.. صرّخ واحد وقال جيبوا الناقة الصَّفْرا وبَرّكُوها في وسط العَقِيْرة.. وَينما بَرّكَوها الْتَمَّوا من احْذاها.. الصبايا والعَويل.. تَمت البمبة اللي اتْطيح اقْرَيِّب م الناقة ما تنفجرش.. الناقة عليها مصحف.. العرب كانت عندها عَقيدة!!
ـ احكي لي علي عَيْت التواتِي.
ـ عَيْت التواتِي اخوة.. محمد وعمر.. ضنا سِيدي.. تَمَّوا يقلبوا في كَرهبة من كراهب النصارَى.. الكَرهبة كيف يقلبوها تقعد برضها.. كراهب الطليان ما ينفعنش.. غير العرب ما في ايديْها لا شَيّ.. بعد تَمَّوا يقلبوا في الكَرْهَبة اضربتّم كرهبة أخرى وقتلتّم.. بعد انتهت العَركة دفنوهم في قَبْر واحد.. قعدت امّهم تبكي عليهم حَوْل كامل.. كل يوم تبكي.. ما تَوعَى في الصبح إلاّ تبكي.. هذا دَيدانْها.. ع الْحَوْل خَطَّم الرحيل من يالا الْجَبّانة.. قالت نريد نزور قَبْر ضناي.. وينما جَت للجَبّانة حَلّت القَبْر لقيتّم كَيْ يوم دفنتّم.. ما فيه حاجة متغَيّرة منهم.. تقول امْرقّدين.. يقولوا المجاهد ما تاكْله لَرْض ولا ياكله الدُّود.. بعدها احْلفَت أمّهم ماعَد تبكي عليهم.
ـ وأيْش حكاية خالتي مسعودة بنت التّواتِي مع باريلا.
ـ هَذي في مراوة.. مسعودة أكْبَر منِي.. الله يرحمها ويخفِّف عنها التراب الثقيل.. طلَبْها بارِيلا.. حَطّت ايدَيْها في السما.. قالت والله ما ناخذ طلياني.. حايلَوا عليها.. قالوا لها خير لِك.. باريلا كابُّو كبير.. قالت والله ما تنكتب عليّ ناخِذ نصْرانِي عدو الله والوطن حتى لو مشطت الشَّيْب.. تَمّوا كلّ نهار ياخذوها العسكرية ويربطوها في الشمس.. مَرّات يربطوها مع شعَرها.. لاعند الليل.. شهرين بالهلال وهي بْها الشكل.. ومسعودة لا تلين لا تنقدع.. والعسكرية المطلينين اللي يمسكوا ع الحبس يقولوا لها اثبتي عَلَيْ دِينِك.. ما اتْخَلِّيش الكافر يغلبِك.. بعَدها كي اوْحِل فيها باريلا دَزّها للمَقْرون.. وفي المقرون قدّموا شكوَى لواحد آخر.. كابّو كبير.. أكبر من باريلا.. قال له خَلّيها عَنّك.. ما تاخذهاش بغير رادتّا.. الجوايز ما هنش بالغَصْب.. وفَكّها الله من بارِيلا.
ـ احكي لي علي يَوم رواج.
ـ يوم رواج جَن طَيّارتين وحامَن فوق الرّحيل.. تَمّا عمّك محمد بوعقيلة الْهَنْكري يضرب في الطَّيْر وهو مصَبّي.. قالوا الْتجي في الحَجْف.. قال عَيْب وشَيْب.. والله ما تنكتب عليّ الميتة تحت حَجْف.. الموت وحْدة.. وتَمّا يترجَّز وهو يضرب في الطَّيْر ويقول:
حَوِّد يا طَيْر على ام الخيْر.
طيّحوا الرجّالة طَيْر.. اقْرنَوا فيه بالبنادق.. الطَّيْر لاخَر حام.. وتوطّا.. ورَدّ علينا البِل.. وطَيَّح بمبة قتلت عمَّك محمد بو عقيلة.. قسماته نصَّين.. وردَّوا عليه في الليل ولَمَّوه ودفنوه.. ييييييه! اسم الله علينا ياما لحَظْنا.. اصْبح الواحد جِلد عَلَيْ عظم.. كنا نلمّو بعر البِل.. وناخذو حَبّات الشعير الممْصوصة اللي في البعر.. ونحمّصوهن وناكلوهن.. كنت نبكي علي سْدادة القِدر.. قطعة عجينة سودا م الدخان.. القِدر طايرات ذانه.. وَينما يريدن يسَوّن فيه يسدَّن ذانه بقطعة عَجينة.. وينما يَدْفعَن القِدْر من ع النار نبقَى نبكي ع السّدادة.. وحَياتَك مَرّات ما انْحَصِّلْها! اسنين جَوْع.. حتَّى الذِّيْب في الوديان جاع!!
تفِكّ محرمتها وتقول: رَيْت (تشير إلى أثر الشَّظية في رقبتها) مَرّة طيَّح الطير بمبة علَي نجعنا.. قتلت أمِّي مبروكة.. رفيقة بُوي.. وصادَتْنِي منها شرِّيكة في رقبتي.. وردَّت عليّ عَمّتَك أم الخير بنت عقيلة .. ربطت راسي بالمحرمة.. وجلَينا.. وردَّوا الرجّالة على النجع.. ولقيوا وليّة مقتولة.. راسّا مقطوع.. وعَيِّلها عَلَيْ صدرها.. ويرضع!! اسم الله ع العرب.. ياما نظروا مِن هَوْل.. وهـاااااااذا سريب الحرب والمقرون يا بُوي... ان شا الله ما تنظروا كدا.. الله يفِكّ الوطن م الحرب والكَرْب.. وين عَكُّوزي؟
***

14 مارس، 2009

كتاب (غَناوي عَلَم) .. وعلامات استفهام

الشاعران: الرويعي الفاخري وسالم العوكلي في وادي الكوف ربيع 2009
عدسة: أحمد يوسف عقيلة

بقلم: سالم العوكلي

في زيارتي الأخيرة للباحث في التراث والقاص (أحمد يوسف عقيلة)، وجدته كعادته منهمكاً في سيرة المكان، في غرفته المؤثثة بمزاجه الخاص، والتي تتجاور فيها العديد من التكوينات التراثية والحديثة بشكل أخّاذ، يشبه إلى حد كبير أسلوبه في كتابة القصة، أرفف الكتب وجهاز الحاسوب بملحقاته، أعشاش طيور الجبل، جهاز الكاسيت والنسيج الشعبي بألوانه المبهجة التي ألّفت بينها أصابع أمه، التي مازالت تعيش معه في بيت شعبي بقرية عمر المختار، نبع حكاياته الذي لا ينضب عن زمن المعتقلات وملاحقة المطر.
كان (أحمد) يحدثني عن الزيارة التي قام بها مندوب اليونيسكو لمحاورته عن غناوة العَلَم، التي تفكر هذه المنظمة باعتمادها كإحدى الفنون الشعرية الإنسانية العريقة، مثلما أتبع مع قصيدة الهايكو اليابانية ، كان مبتهجاً بهذه الزيارة التي أثمر عنها كتابه المهم عن غناوة العَلَم، ولا يعكر هذه البهجة سوى ما حصل معه من اعتداء على مادته الخاصة بعد نشر كتاب (غناوي علم) من ضمن منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة، حيث كما يقول ضمّنوا الكتاب بابين - عن طريق النسخ واللصق - من مخطوطه القادم الذي نشره قبل خمس سنوات في موقعه (الجراب)، والذي يعتبر أول موقع ليبي متخصص في التراث على الشبكة، والبابان هما: (الجلامة صفحة 371) من الكتاب المشار إليه، و(هجاوي الرحى صفحة 385). مع العلم إن (أحمد يوسف) قد عمل ضمن لجنة هذا الكتاب وزوّدهم بمجموعة كبيرة من غناوي العَلَم التي جمعها ولم تكن في سياق عمله المتسلسل عن هذا الفن المجنس تحت تسميات مختلفة لا تشملها كلها غناوة العَلَم، فغناوي الجلامة تسمى (قذاذير) ومفردها (قذّارة)، وغناوي الرحى تسمى (مهاجاة)، وهي إذا تتبنى بنية غناوة العَلَم، إلإ أنها بسبب اهتماماتها الخاصة والأداة التي ترافقها لا تقع في حقل غناوة العَلَم التي تتميز بكونها تطرح شجوناً عاطفية مباشرة كثيراً ما يكون الخلاء براحها أو الأعراس، وهذا الاختلاف هو ما جعل من غناوة العَلَم باعثاً على الحشمة في إطار العائلة، بينما في حالات الجلامة ومهاجاة الرحى من الممكن أن تغنى وسط العائلة وبحضور الآباء وأبنائهم، ويعتبر هذا أحد الأخطاء المنهجية في الكتاب، وهو الذي سعى (أحمد يوسف) أن يتفاداه في سلسلة كتبه عن الغناوة، من أجل أمانة الرصد لهذا الفن المتفرد.
كان (أحمد) يحدثني بغضبه الهادئ ونبرة التسامح المعتادة لديه، وكنت أشاركه غضباً غير هادئ، لأنني أدرك جيداً الجهد الذي بذله في تجميع هذه الأبواب، حيث كان يتنقل بأوراقه وبآلة تسجيله في ربوع الجبل الأخضر، متتبعاً احتفالات (الجلامة) في كل واد وكل سهل، وهو الذي لا يملك وسيلة نقل ولا ميزانية لهذا العمل الذي يُمليه عليه التزام فني وأخلاقي تجاه هذا الموروث، كما كان يتنقل بين العجائز من (اجدابيا) إلى (طبرق) لتجميع غناوي المهاجاة، وكان يحفظ حقوق كل من من ساعدوه في هوامش مخطوطاته، وقد نشر هذه المادة في موقعه الشهير بحق حصري، وذكر هذه المخطوطات في كل الكتب التي أصدرها.
ولتصبح فيما بعد تقنية النسخ واللصق أحدث تقنيات سرقة الجهود المتفشية الآن، مع العلم إن اسم (أحمد يوسف عقيلة) لم يُذكر من قريب أو بعيد في هذا الكتاب، الذي لم يرافقه أي تحليل لهذا الفن، خلافاً عن كتاب (أحمد يوسف) الأول (غنّاوة العَلَم.. قصيدة البيت الواحد) والذي أسهمت التحليلات النقدية والتعريفات المفهومية التي تتخلله في لفت نظر المهتمين، سواء من رغبوا في ترجمته مثل الشاعر (عاشور الطويبي)، أو في تبنّيه كفن عريق مثل اليونيسكو.
وأخيراً أتمنى أن لا يحبط هذا الاعتداء غير المبرر حماس (أحمد يوسف) في عمله الدؤوب على التراث، الذي أنجز فيه قدرا كبيراً، مثل كتابه عن الأمثلة الشعبية، وكتابه عن الخراريف الذي يجمع الحكايات الخرافية كما كانت تروَى في هذه المنطقة، إضافة إلى دواوين شعرية كمخطوطات لبعض الشعراء الشعبيين، وكتابه عن التعابير الشعبية، وغيرها من المخطوطات المدققة والمصححة والجاهزة للطباعة.
(نقلاً عن صحيفة أويا)

10 مارس، 2009

عقيلة يُكرّم مُعلِّمه

المعلِّم الفاضل عثمان المسماري.. الدكتور فتح الله خليفة.. أحمد يوسف عقيلة
ضمن نشاطات منتدى أماسي البيضاء الثقافي المتواصلة بانتظام.. أُقيمت أمسية قصصية للقاص أحمد يوسف عقيلة يوم الإثنين 2009.3.9 على تمام الساعة الثامنة والنصف.. وسط حضور كثيف ومميز.. وأدار الأمسية الدكتور فتح الله خليفة.. وقام الكاتب أحمد يوسف بتكريم مُعلِّمه الأول الأستاذ الفاضل (عثمان عبدالله عبدالمجيد المسماري).. وهو معلِّمه في السنة الأولى الابتدائية سنة 1964 في القسم الداخلي بمدرسة عمر المختار.. وجعل القاص أحمد يوسف من تكريم معلّمه مَتناً للأمسية.. وقراءاته القصصية هامشاً لذلك.. وقدّم لمعلِّمه بعض الهدايا العينيّة.. وشهادة عرفان وتقدير هذا نَصها:
الأستاذ والمربِّي الفاضل: عثمان عبدالله عبدالمجيد المسماري
أُدرِك مُسبقاً انّني لا أستطيع رَدَّ الجميل لإنسانٍ فتح أمامي آفاقَ العِلْم الرحبة.. فلا أحد .. سواءً أكان فرداً أو مؤسسة ـ مهما فعل ـ يستطيع أن يوفيَ المعَلِّمَ حقَّه.. يُعَلِّم أمّةً بأكملها.. نَمُرّ عليه جميعاً.. حتَّى الساسة والزُّعماء والجنرالات.. وهو قابع في الفصل.. بجوار السبّورة السوداء.. تمتلئ رئتاه بغُبار الطباشِيْر.. نتجاوزه.. نَمرّ عليه مسرعين دون أن نلتفت.
إنّها مُجرَّد لَمسة وفاء من تلميذٍ إلى أستاذه.. تلميذ يُحسّ بالحرَج تجاه مُعلِّمه الذي علَّمه الأبجدية.. ومنحه إمكانية ولوج عالَم الكتابةِ المدهِش.. منحه دهشةَ الكلماتِ الْمَصْفوفةِ على بياضِ الورقة.
أستاذي الكريم.. حِيْن قابلتكم بعد حوالِي أربعيْن عاماً أحسستُ برغبةٍ جارفةٍ فِي أن أَحْملَكم على عنقي إلى الأبد.. وحتى لو فعلتُ ذلك.. فإنني لا أستطيع أن أفيَكم بعضَ حقِّكم.. فاقبلوا منّي هذا العرفانَ والامتنانَ.. عسى أن يكونَ فيه رَدٌّ لبعضِ جميلِكم.
تلميذكم: أحمد يوسف عقيلة

صور من حفل التكريم والأمسية القصصية

الأفاضل.. زوّار الخروبة.. هذه بعض الصور من حفل تكريم أستاذي الفاضل (عثمان عبدالله عبدالمجيد المسماري).. وكذلك من الأمسية القصصية:

04 مارس، 2009

دعوة لحضور أمسية قصصية

سالم العوكلي.. الرويعي الفاخري.. أحمد يوسف عقيلة
منتدى أماسي البيضاء الثقافي يدعوكم لحضور أمسية قصصية للقاص: أحمد يوسف عقيلة.. وذلك يوم الإثنين القادم.. الموافق 2009.3.9 بمقرّ مسرح هواة الفن خلف مبنى البريد القديم..
كما سيقوم القاص أحمد يوسف عقيلة قبل الشروع في الأمسية بتكريم معلّمه الأول (عثمان عبدالله عبدالْمجيد المسماري) وهو معلّمه في السنة الأولى الابتدائية سنة 1964 بالقسم الداخلي بمدرسة عمر المختار.