05 أبريل، 2015



بوبريص
 
قصة قصيرة.


1
   ... ضباب الصباح يغادر الوادي.. لازلت أرى ذيوله المتبقية التي بترتْها الريح.. أستدفئ فوق الصخرة التي أقطن تحتها.. أتماهَى مع لونها الكامد.. الدفء يسري إلى جسدي المبلّل.. المتعة دائماً لها منغِّصوها.. ترصدني قبّرة متوّجة تحلِّق فوق رأسي مباشرة.. لا وقت للتفكير في الخيارات.. ها أنا أتخلّى عن ذيلي.. أبتره.. ذيلي يقفز.. يلفت انتباه القبّرة.. تلحقه.. ألوذ بأسفل الصخرة...

 2

   ... ماذا؟ هل تعيّرونني بأنني بدون ذيل؟ أبتر؟ كانت خياراتي محدودة.. الذيل أو الرأس..! ماذا يفعل أحدكم إذا خُيّر بين ذيله ورأسه؟ غبّي من يتوقف لحظة واحدة للتفكير في ذلك.. هذا ليس خياراً.. بالإمكان دائماً الاستغناء عن الذيول من أجل الرؤوس.. بشرط ألاّ تكون تلك الرؤوس فارغة.. وإلاّ فإنكم ستخسرون ذيولكم من أجل لا شيء.. الذيول لا تخلو من فائدة.. على كل حال.. أنا لست مثلكم.. سينمو لي ذيل جديد.. وفي انتظار ذلك سأتوارى تحت صخرتي الحصينة.. بعيداً عن مناقير ومخالب المخدوعين بالذيول المتقافزة.

***

(2015)




الدبّابة


قصة قصيرة.



   ... مساء ربيعي.. تمر الدبّابة.. بضجيجها.. ودخانها الأسود.. وسط الدرب المعشب.. المؤطّر بأزهار الربيان الأبيض.. الدرب الربيعي لا يتّسع  للدبّابة.. فكانت تدوس الأزهار على الجانبين.

     الحمار الذي يرتع فوق الربوة المحاذية للطريق يرفع رأسه.. يمد أذنيه باتجاه الدبّابة.. الغراب الجاثم فوق الغصن الأجرد لشجرة العرعر ينعق نعقتين متتاليتين.. المرأة التي تحلب بقرتها تُلقي نظرة من فوق كتفها دون أن تتوقف عن الحلْب.. الأطفال يواكبون الدبّابة  صارخين.. القرويون المصطفّون على حافة الطريق يرفعون قبضاتهم.. يهتفون.. يلتقطون الصور التي تحتلّ خلفيّاتها الدبّابة.

   ... توغّلت الدبّابة.. اقتحمت خراريفهم الليلية.. لم يأتِ أحد على ذِكْر شجرة اللوز المزهرة على كتف الطريق...

***
(2015)