30 أبريل، 2010

لماذا نَكْتُب؟

لماذا كتب الإنسان الأول؟ لماذا حفر كلماته ورموزه على جدران الكهوف؟ هل الكتابة جزء من محاولات الإنسان الدؤوبة للخلود؟ لماذا هذا التجسيد؟ هل الكتابة إيجاد شكل ملموس للمهموس؟ حين بدأ الإنسان يحفر على الجدران بأدوات حادة وبحواف صخور مدبَّبة.. هل كان نوعاً من الحفر في المعنى؟ أم كان بحثاً عن شكل أكثر ثباتاً؟ هل هو اتّهام للذاكرة التي يعتريها النسيان؟ الصخر ذاكرة مكشوفة.. وأكثر دواماً.. والسؤال هنا عن الكتابة الإبداعية تحديداً.. هل الكتابة نوع من إيصال رسالة إلى الآخر؟ (أُحاول دائماً أن أوصل شيئاً غير قابل للتوصيل) كما عَبّر كافكا.. هل للعبادة أثر في ذلك؟ كما قال كافكا أيضاً: (الكتابة شَكل من أشكال الصلاة).. هل هي نوع من التنفيس كما يقول همنجواي: (نكتب لكي نطرح عنا قلقنا).. هل طرح القلق سبب كافٍ للكتابة؟ أم هي أحد عوامل البقاء.. كغريزة الخوف التي تحفز الكائن على الهرب بعيداً عن الخطر.. يقول كافكا: (أنا أكتب بالرغم من كل شيء.. وبأيّ ثمن.. فالكتابة كفاحي من أجل البقاء).. لماذا نستبعِد المتعة؟ أليست الكتابة الإبداعية شكلاً من أشكال ممارسة المتعة؟
استوقفتني عبارة لجون رسكين: (إن الغروب الإنجليزي قد أصبح أكثر روعةً بعد أن سجّله تيرنر في لَوحاته).. اللوحة شكل من أشكال الكتابة.. فهل نكتب لتجاوز الواقع؟ لخلق عالَم أجمل؟
هل الكتابة نوع من الفَضح؟ في مجتمعنا يتحدثون شفوياً عن كل المحاذير.. خاصة الجنس والدين.. عندما تسمع حكايات الناس عن الجنس تسمع العجب.. لكن عندما نكتب عن هذه المحاذير تقوم الدنيا.. ونتهم بالفسوق والمروق.. إلى آخر قائمة التهَم.. كأنّ الاعتراض هنا على (فِعل الكتابة) لا على مجرد الكلام. هل الكتابة نوع من إثبات الذات؟ (إذا وُجِد ما يُمكنه أن يَمنعك عن الكتابة.. فأنت لستَ كاتباً) كما يقول سارويان.
هل الكتابة نوع من القتل والانتقام؟! أنا شخصيًّا حين أنتهي من كتابة القصة في شكلها النهائي يغمرني شعور بالانتصار.. ومن هنا يُمكنني أن أفهم قول وليام سارويان: (إن كتابة قصة أشبه ما تكون بهزيمة عدو).
ويظل السؤال الذي لَم تُقنعني جميع الإجابات عنه على كثرتها: لماذا نكتب؟
***

هناك 5 تعليقات:

  1. مفتاح امعيزيق العريفي1 أبريل 2009 في 2:56 ص

    لم أجد ما يبرر الكتابة ..لعله الهروب
    من النسيان ..لعله،شكل من أشكال البقاءأو نوع
    من أنواع التحدي غير المهزوم للموت..ماذا لو لم نكتب
    ذلك هو العدم وليس الموت فقط .

    ردحذف
  2. نكتب لأن الكتابة تمكننا من أن تحكي ذاتنا ، أن نكون نحن كما نريد ونبتغي ، نكتب لأك الكتابة هي الوسيلة لتعرية أرواحنا وكشف مكنونات دواخلنا ، لأنها تمكنا من البوح بما سكن الصدور ، تمنحنا إمكانية أن نكشف ما نحاول مداراته بعيدا عن أعين الناس الفضولية .
    نكتب لأنه بالكتابة نزعزع ما غاص في أعماقنا ( الجوانية ) نخلع أقنعة الترسم ، ونزيح الوجوه الكاذبة ويبقى فقط وجه الكلمة الصادقة ، نكتب لأن الكتابة معاناة والمعاناة تولد الأمل ، نكتب لأنه في البدء كانت الكلمة ، ولأن الكتابة هي الوسيلة التي جعلتنا نتواصل مع من سبقونا في سفر الوجود ، وهي الطريقة التي ستعرًف من سيأتي بعدنا من أجيال بنا ، عن نفسي اليوم الذي لا أكتب فيه يسقط من حسابات عمري ، وتتملكني حالة اختناق كريه يجعلني كالزهرة التي حشرت في أصيص بعيد عن الماء والهواء ، نكتب سيدي أحمد يوسف لأنه لولا الكتابة لما كانت الحياة ، اللوح المحفوظ هو سر قيام الكون وسر قيام القيامة ذاتها ، سنكتب بالرغم من كل ماقاله سارويان وجون رسكين وكافكا وغيرهم من المفسرين والمتفلسفين ، ولولا الكتابة هل كنا نستطيع أن نداوم المكوث تحت ظلال الخروبة مستمتعين بحلو القطاف فيها ؟

    نعيمة الطاهر

    ردحذف
  3. نحن نكتب لأننا نحتاج الكتابة ..
    نحتاج أن نكتب بكل حرية وصراحة ونعبر عن أنفسننا والأخرين .
    أختك سهام

    ردحذف
  4. الكتابة ( اسبيرين ) الكاتب .

    ردحذف
  5. طبعآ مثل ماقال الاخت سهام نكتب بكل حرية قلمنا هو حريتنا




    دردشة عراقية http://www.v9f.net
    شات عراقي http://www.v9f.net

    ردحذف