18 مارس، 2010

أخضر.. أحمر

(إلى فيروز سالم العوكلي)
1
... (رغَد) و(شَوق) تعاينان المكان للعب النقَّيْزة.. ترسمان المربعات على الرصيف.. تُلقي (شَوق) كسرة البلاطة في أوّل مربع.. تضع يديها على خصرها.. تقف على رِجلٍ واحدة.. تبدأ اللعب.. تقفز ضفيرتها مع كل نَقزة..
تتوقف فجأة.. تحكّ رأسها:
ــ كسرة البلاط لا ترن أثناء زحلقتها.. وفوق ذلك لونها باهت.
2
... بحثاً عن الرنين واللون تقترح (رغَد) استخدام عُلب الطماطم الصغيرة الحمراء.
3
... تُحضران عُلبتين.. تقول (شَوق):
ــ تحتاجان إلى تسطيح.. المفترَق قريب.
4
ــ دورك يا (رغَد).
تراقب (رغَد) الإشارة.. يخضرّ الضوء.. تُلقي عُلبتها أمام السيارات.. تفتح ذراعيها باتجاه السماء ضاحكة:
ــ إن شاء الله كروزر يا ربّي.
تتعرض العُلبة للدهس.. تضيء الإشارة الحمراء.. تجري (رغَد).. تلتقط علبتها المسطحة.
5
ــ دورك يا (شَوق).. الضوء أخضر.
تتدحرج العُلبة أمام الإطارات.. تتسطح.. تراقبان الإشارة.. يحمرّ الضوء..
ــ هيّا.. تَوّا..
تجري (شَوق).. تنحني لالتقاط عُلبتها.. يصرخ شرطي المرور.. يقفز.. ينتزع الطفلة.. تنحرف السيارة المسرعة.. تصطدم بعمود الإشارة.. تتهشّم دوائر الزجاج الملونة.. تختلط الشظايا الحمراء والخضراء.. يستوي العمود بالأرض.. يحسّ الشرطي بارتجاف الطفلة بين يديه.. يضمّها.. يمسح على كتفيها وضفيرتها:
ــ لماذا لم تنتبهي.. كاد يدهسك.
(شَوق) يقطِّع صوتها الارتجاف:
ــ ولكن.. الضوء.. أحمر!
***
(2010)

هناك 22 تعليقًا:

  1. ولكن الضوء أحمر.... ولكن الضوء أحمر.

    تسلم يداكَ يا أستاذي.

    محمد مصراتي

    ردحذف
  2. سيدي الفاضل قد لامست الجرح , ويظل السوءال الكبير يطرح نفسه ( ولكن الضوء أحمر ), سيدي الفاضل سلمت يدك ومنور .

    ردحذف
  3. القصة هادفة خوي احمد ربي يحفظك ويبارك فيك .

    ردحذف
  4. هذا الضوء الأحمر الممنوع ، يتسابق على عبوره كل من

    يركب سيارة جامحة أو يركب ........

    لك التحية أيها المبدع الكبير

    ردحذف
  5. نجوتا كبيرة ....

    ردحذف
  6. رائعة احمد!
    اتابع بصمت واسعد بتوثيقك لكل ما هو نحن بتلقائية المعجون بالوطن
    سيمضي زمن ولن تعرف بنيات الاجيال القادمة ادبيات النقيزة وفنون اختيار البرنجية وشغف البنات ذوات الضفائر الحلوة المتطايرة بهذه اللعبة الجميلة
    وتبقى هذه الاقصوصة تذكار
    كم عدت صغيرة انحت برنجيتي من بقايا رخام البناء دائرة ملساء لحتى تلف وتستقر على هدفها
    رجلاي تنطان برشاقة فراشات وقلبي يخفق لفوز في اخر مطاف اللعبة
    ياللشجن
    ياللحرية
    ياللبراءة
    سقى الله

    ردحذف
  7. الأستاذ / أحمد يوسف عقيلة

    أخضر .. أحمر ،قصة قصيرة مدهشة إحتبست معها أنفاسي وحتى اللحظة الأخيرة .. حتى عرفت مصير شوق .. فاجأتني نجاتها وفرحت لذلك كثيراً .

    المدهش في إبداعك أنه يهبنا الحل لإشكالية الأصالة والمعاصرة والتراث والحداثة بدون تنظير .

    لك مني جزيل الشكر والعرفان لهذه المتعة التي تهبها لنا بالمجان .

    عبدالحفيظ أبوغرارة

    ردحذف
  8. جئت أريد أن أعلق هنا،أنعقد لساني،فقلبي حتى هذه اللحظة معلق مع الطّفلة،وكأنها تردد داخلي أنا(ولكن الضوء أحمر....)
    أظنني خلتها أنا قبل سنوات خوالي
    كيف تستطيع أن تؤثر بنا هكذا ياعقيلة الرائع؟
    سمار عمر

    ردحذف
  9. قليلون من يردعهم الضوء الأحمر عن الاندفاع وإيذاء الآخرين ياشوق ....

    نعيمة الطاهر

    ردحذف
  10. الأفاضل: محمد مصراتي.. علي الفسي.. مونا ليبيا.. عبدالحفيظ أبوغرارة.. سمار عمر.. نعيمة الطاهر.. ومن اكتفوا بالتعليق دون ذكر أسمائهم.. أشكركم جميعاً.. تسعدني هذه اللمة دائماً.

    ردحذف
  11. شدني اسلوبك > قصتك قصيرة ولكن تعددت الصور والاحداث وبرز الابداع الحمد لله على سلامةشوق حدث ما حدث مع وجود الشرطة والاحمر والاخضر والاصفر التهور القانون
    وصل ما اردت ايصاله اخي احمد ابدعت كم فقدنا من ضحايا حتى على الرصيف ليتها تلقى اهتمام من مخرج مرئي لتساهم في الامن والسلامة دمت باحترام امباركة عدالة

    ردحذف
  12. شكراً أخت امباركة.. أسعدني حضورك.

    ردحذف
  13. أخضر أحمر...المطعون...أشياء تهبط من السماء..كلها ومضات رائعة استمتعت بها..أنا قد ادمنت فتح كتابك هذا..وانا سعيده بأني اكتشفتك في عالم القراءه..احيانا اتساءل لماذا لم يكتب الأستاذ عقيلة باللهجه الليبية العامية فأنا احيانا (اسمح لي بهذا الرأي) احس أن الموضوع كان الأفضل أن يكتب باللهجه الليبيه ليكون اقرب للواقعيه..سميرة

    ردحذف
  14. إضافتك لصورة أم العز الحديثة وهي تلعب النقيزة أعطى للقصة بعدا جماليا آخر ، دائما تتحفنا بالجديد جديد ما يخطه قلمك ، وماترسمه عدستك ، ربي يحفظ أم العز وتعيش عزيزة وهانية .

    نعيمة الطاهر

    ردحذف
  15. نحن ادمنا قراءتك ..الم تدمن قراءتنا.. نحن بانتظار ردودك لنا مع الشكر.سميرة

    ردحذف
  16. الأختان: سميرة.. نعيمة الطاهر.. أسعدتني قراءتكما وتعليقاتكما.. لكما محض الود.

    ردحذف
  17. عمل رائع وجميل.. لكن يا أستاذنا أين صاحبة (النقيزة) من الإهداء؟؟، وإلا فما هي دلالتها؟؟

    ردحذف
  18. صاحبة النفيزة هي أم العز ابنة صديقي الدكتور إبراهيم سعد مجيد.. وقد اهديت لها قصة (الحرباء) التي تضمنتها مجموعة الحرباء الصادرة سنة 2006.. ولم اشأ أن أكرر لها إهداءً هنا.

    ردحذف
  19. شكرًا على الرد الرائع والجميل والامتصاصي؛ على الرغم من أن تعليقي كان (غير معرّف) لكن اللبيب بالإشارة يفهم .. تحية عظيمة لا نهاية لها، ولك وُدّي.

    ردحذف
  20. تعرف شوق اهمية اللون الاحمر اكثر مما يعرفه ذلك السائق ..


    شكراً لك استاذي الفاضل

    ردحذف
  21. شوق صغيرة، ولهذا لم تعرف بأن تجاوز الممنوعات وانتهاك النظام أمرٌ جائز في عرف الكبار!!

    ردحذف
  22. سيدي الفاضل قد لامست الجرح , ويظل السوءال الكبير يطرح نفسه ( ولكن الضوء أحمر ), سيدي الفاضل سلمت يدك ومنور .

    ردحذف