(إلى الصديق: محمد عطيّة محمود)
... في الصباحات الباكرة يوقظني غراب يَمرّ صائحاً من فوق البيت مباشرة.. أنا مَدِين لهذا المُنبِّه الحَيّ.
أتوجّه إلى عملي في المدينة.. أسير خارج قريتي مع الطريق الإسفلتي الذي يصل الطريق الرئيس.. طُرُق الصباح لا تخلو من رفقة.. رفيقي يُدخِّن.. ويدوس الحلازين الملونة..
ــ انتبه.. لقد دستَ حلزوناً.
يضحك:
ــ اسم جميل لمخلوق لزج!
ــ انظر.. هذا حلزون ملون لايزال في طور تكوين الصَدَفة.. إنه لا يحتمل أي لمس.. فالصَدَفة لاتزال هشة.
ــ العالم يتحدث عن حقوق الإنسان.. وأنت تبكي على (البوزويّة)!
ــ يا مولانا.. الحلازين كائنات وادعة.. غير مؤذية.. لا تلسع.. لا تعضّ.. رطبة.. هشّة.. لا صوت لها.. خطواتها صامتة.. وهي فوق ذلك ثنائية الجنس.. ذكر وأنثى في نفس الآن.. فإذا قتلتَ حلزوناً فأنت تقترف جريمة مزدوجة!
ــ هل سترفع فِيّ قضية باسم الحلازين؟!
ــ أرجوك.. كُفّ عن السخرية.. انتبه لخطواتك.. ولا بأس بعد ذلك أن تتحدث عن حقوق الإنسان.. والبنية التحتية.. وانقطاع الكهرباء اليومي.. وغلاء البنزين.. والكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد.. فقط أتوسَّل إليك ـ إذا كنت تريدنا أن نسير معاً ـ لا تدهس الحلازين.. لستُ أدري لماذا لا ينظر الناس تحت أقدامهم؟!
تَمرّ سيارة مسرعة.. تقرمش قواقع الحلازين تحت إطاراتها.. تتلاقى أعيننا.. لا أدري إن كان رفيقي يشمت بي.. يقول:
ــ لعله من الأفضل أن تضع لافتة في منطقة عبور الحلازين.. لافتة كبيرة عليها صورة حلزون ملوّن.
ــ ها أنت تسخر من جديد.. حتى لو فعلنا فلن ينظر إليها أحد. أنهم دائماً مستعجلون.. ينبغي أن يكون ظهور الحلازين عقب مطر الخريف عيداً!
ــ على كل حال هو طريق للسيارات وليس للحلازين.
ــ الحلزون قبل السيارة.
أنظرُ إلى الغربان تنغمس في الضباب.. تصعد مرة أخرى بأجنحة لامعة.. الحلازين بصدفاتها المخططة بالأحمر تنزلق بنعومة فوق العشب النديّ الذي يؤطر الطريق.
نلتفت فجأة على صرير الإطارات..
ــ اركبوا.
ــ كدتَ تدهس الحلزون.
ــ هل تعتقد أنني أعمى؟ وضعته بين العَجَلات.
... ألتقط الحلزون.. أضعه خارج الطريق.. أتساءل: لماذا يزحف بعضهم بينما يتشقلب الآخرون فوق الريح؟
تبتعد السيارة.. أحاول مراقبة الطريق من خلال غبش البخار.. يقول السائق وهو يمسح الزجاج من الداخل بظهر يده:
ــ الحلازين اسم جميل لكائنات لزجة.
***
(2009)
آمل أن لا تكون الافتة المزمع وضعها لمرور الحلازين في طريق عيت !!!! فحينئذ ستكتب حلاصين أو حلاسين ويصبح الناس في حيرة من أمرهم .. شنو الحلاسين ؟؟!!
ردحذفعلاء
أن الانسان يرتقي عن طريق السلالام الثلاثة
ردحذف"اللغة والفكر والحب "
روبيرتو ..
ومن الرائع جدا أن ننصت للزمن ونرى بأحساسنا الي الكانئات الاخرى ..
دمت مبدعا أبداً
عيد الحلازين بعد مطر الخريف هذا إذا لم يتدخل السياسيون في الأمر ....سنرى
ردحذف- إنهم يقتلون الحلازين .. أليس كذلك ؟
ردحذف* نعم .. ويقتلوننا أيضاً