25 أكتوبر، 2009

النملة

من كتاب: حكايات ضِفدَزاد
لأحمد يوسف عقيلة

بلغني أيها الملك السعيد.. أنَّ نملة كانت تسير مع فيلٍ جنباً إلى جنب فوق جسرٍ صغير.. وبدأت تتحدث:
ــ كم كانت جدتي حكيمة.. حين جعلت النبي سليمان يبتسم عندما قالت: (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ.. لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ).
نفخ الفيل بخرطومه في اتجاه النملة.. مما جعلها تطير.. وتتدحرج فوق حافة الجسر.. حتى كادت تسقط.
استعادت وضعها إلى جانبه بصعوبة.. ثُم قالت غاضبة:
ــ لَيْش؟ كان الأجدر بك أن تحافظ على الحد الأدنى من آداب الرفقة.
ــ لأنني لا أُحب الغمز واللمز.. فأنتِ لم تتحدثي عن جدَّتكِ بهذه الطريقة إلاَّ لتهزئي بي.. وكأنكِ تشيرين إلى ما فعله جدي مع (أَبْرَهَة).
ـ ليس تماماً.
ــ بل هذا ما قصدْتِه.. فأنا أعرف قرصاتك التي تشبه وخز الدبابيس.. إنَّ جدِّي كان مغلوباً على أمره.. لقد خُدِع.. لم يقولوا له بأنهم ذاهبون لهدم الكعبة.. وعندما اكتشف ذلك في آخر لحظة.. توقَّف.. ورفض أن يتقدم خطوةً واحدة.. بل إنه غيَّر وجهته تماماً.. فالرفض هو الرفض.. حتى لو كان في آخر لحظة.
ــ ما علينا.. لا تغضب.. أنت سريع التأذِّي.. تتحسس دائماً من أمورٍ لا وجود لها.
مرَّت فترة صمت.. كانت النملة تَهمُّ خلالها بالكلام مرَّة أخرى.. لكنها كانت تُحْجِم عندما تتطلَّع إلى الخرطوم المتدلِّي من السماء.. وهو ينفث الهواء هنا وهناك.. فتتطاير من أمامه الأشياء.
بعد اجتياز الجسر.. قالت النملة للفيل بكثيرٍ من الزهو:
ــ أرأيتَ كيف كان الجسر يهتزُّ تحت أقدامنا!
وأدرك ضِفْدَزاد الصباح.. فسكتت عن النقيق المُباح.

هناك 4 تعليقات:

  1. الحكاية لطيفة.. جميل هذا التشبيه ؛واهتزاز جسر الثقة بين النملة والفيل..


    علاء

    ردحذف
  2. عقلية النملة ذكرتني بأحداث (مش مريحة روحها)

    ردحذف
  3. لم أفهم آخر سطر

    ردحذف
  4. سلمت يداك..رائع كل ماتكتب..

    ردحذف