08 أغسطس، 2009

الطَبْخة

( ا )
... (عزيزة) تُحضِّر للغداء.. بجانبها راديو صغير مغطَّىً بقماش مُلوَّن شفاف.. من فتحة القماش يبرز هوائي مقطوع الرأس.. الراديو مركوز فوق عُلبة الملح.. يُحشرج بأغنية عن الوطن.
( ل )
... الحلّة فوق الموقد.. الزيت يغلي.. سفرة اللوح المستديرة الصغيرة مُزدحمة بالمقادير: لحم.. بصل.. طماطم.. فلفل.. ثوم.. بهارات.
( ح )
... ينقطع الإرسال فجأة.. يبدأ البث المباشر من تحت قبَّة البرلمان لتشكيل الحكومة.. يُستهل بالسلام الوطني.
( ك )
... لحظة جلوس جلالة الملك على عرشه.. يستقر اللحم في قاع الطنجرة.
يتم الإعلان عن اسم رئيس الوزراء.. يُطشطش البصل في الزيت.
وزير الداخلية يصعد المنصّة.. يهوي قرن الفلفل في أثر البصل.
يستلم وزير الصحة حقيبته.. يتدحرج فَصُّ الثوم سابحاً.
يصفِّقون لوزير الإعلام.. تدور ملعقة الطماطم صابغةً (التقلية) بالأحمر.
( و )
... اكتمل نِصاب الحكومة.. استلم الوزراء حقائبهم.. عُزِف السلام الملكي.
ذاقت عزيزة طبيخها.. فاكتشفت أنها نسيت الملح.
سحبت المملحة.. فانقلب الراديو على ظهره.. لكن الحكومة على ما يبدو لم تتأثر بهذا الانقلاب.
( م )
... كانت تذوق الطبيخ بامتعاض..
حَرَّكتْ.. أضافت مزيداً من الملح.. رَشَّت قليلاً من البهارات.. ذاقت مرَّة أخرى.. هزَّت رأسها.. لا جدوى.. رائحة الطبخة لا تُطاق.
أهو تعفُّن اللحم؟ أم فساد البصل؟ أم انتهاء صلاحية الطماطم؟ مهما يكن.. فإنَّ الطبيخ بدا أشبه بالقيء.
( ة )
... الكلب يتضوَّر جوعاً.. يُبصبص.. يسيل اللعاب من زوايا فمه.
كَفَأَت عزيزة طبيخها.. طاف حوله.. تشمَّم البخار الحارّ.. لوى عنقه باشمئزاز.. أَقْعَى.. استلقى على جنبه.. دسَّ رأسه بين رجليه الخلفيتين.. وأخذ يلعق أعضاءه.
(2002)

هناك 5 تعليقات:

  1. يوم الخميس القادم سنتوجه صوب الجبل ،لنتذوق طعام عزيزة..ارجو توفير الفلفل الخضر وكذلك طويسة خضرا..

    الزراد علاء

    ردحذف
  2. طعام عزيزة لا يحتاج طويسة خضرا بل يحتاج تطبيخ من جديد وعلى طريقتها لا طريقة الحكومة ....

    ردحذف
  3. والله هذا الأكل الي فقدناه من زمااان
    نفسي اتذوق هكذا طعاام
    شكرا

    ردحذف
  4. جميل جدا جدا . ونفسي والله اكل طعام زي هذا
    طبخ يفتح الشهيه

    ردحذف
  5. طعام عزيزة لا يحتاج طويسة خضرا بل يحتاج تطبيخ من جديد وعلى طريقتها لا طريقة الحكومة ..

    ردحذف