31 يناير، 2010

مَن يَفترِسُ الذئاب؟!

(إلى يوسف الشريف)
1
... الليل يفتَرس ظِلال الغابة.. الأرانب تلعب في الخلوات.. تحت الأشجار التي تؤطّر إحدى الخلوات يربض ذئب.. يقيس سرعة الأرانب.. حيْن يُدرك التفاوت في الإمكانات مع غياب عنصر المفاجأة يتثاءب.. يقف.. يتمطّى.. ينحدر باتجاه أسفل الوادي.. حيث تُطلق الذئاب عواءً جماعيًّا.. لكنه لا يصل تلك الليلة إلى قطيع الذئاب.
2
... في الصباح الباكر.. تحت الغربان الحائمة.. يَجد أحد الرعيان ذئباً مأكولاً حتى مُنتصفه.. ينتشر الخبر بالهواتف النقّالة عَبَر أثير أودية الجبل الأخضر.. وفي المساء تصدح مزامِيْر الرعاة حول النيران.
3
... ليل الغابة مليء بالدم.. يتكرّر مشهد الذئاب المأكولة.. لَم يَعُد حدثاً استثنائيًّا.. وعلى الرغم من العداء التقليدي بين الرعيان والذئاب.. إلاّ أن الرعيان لَم يستطيعوا إخفاء خوفهم.. فهناك شيءٌ ما يفترس الذئاب!
4
... مُخيّلة الرعيان تنطلق لرسم شكلٍ لآكِل الذئاب.. ضخم.. أسنانه قاطعة.. مخالبه حادّة.. سريع بما يكفي ليطال الذئاب.. يقهقه أحدهم مُتسائلاً: ما الذي سيأكله الوحش حين تنقرض الذئاب؟
5
... في إحدى ليالي القمر يسمع أحد الرعيان هريراً بالقرب من مَراح الأغنام.. الكلاب تنبح من بعيد.. تضع ذيولها بين أرجلها.. يتسلّل الراعي بحذر.. يُشرف على اللسان الصخري اللائذ مع انعطافة الوادي.. يرى ذلك الشيء.. كُتلة سوداء ذات أطراف عديدة تَجثم فوق أحد الذئاب وتمزقه.. يُخيّل إليه أنه يرى فوق تلك الكتلة جناحين.. دون أن يُشعل الكشّاف اليدوي يتراجع الراعي مُرتعشاً.
6
... في اليوم التالي تظهر على مَخالِي الرعيان وعلى الصخور وعلى جدران الكهوف صورة كائنٍ أسود ذي أطرافٍ عديدة يبسط جناحيه الطويلين.
***
(2007)

هناك 7 تعليقات:

  1. هل هي الغولة..؟
    ممتع هذا النسج..وعذب رغم الإستفهاملت التي يُخلفها عند قراءته.

    ردحذف
  2. العزيز / أحمد
    " من يفترس الذئاب ؟ "
    هذا سؤال جاد يبحث عن إجابة جادة .. ولكن الجواب يأتينا عبر خضم الصراع بسهولة متناهية .. أنه الإنسان .. هذا القاتل المحترف .. بمختلف الأساليب .
    أختك / سهام

    ردحذف
  3. وربما كانت العنقاء ، فالكاتب يترك للقاريء مسألة تخيل الوحش وتمثل صورته ، فالمغزى يكمن في أنا قد لا نرى الوحوش الناهشة لكننا نرى فعلها واضحا ...
    ( كائن اسود ذي أطراف عديدة يبسط جناحيه الطويلتين )ذاك ما جادت به مخيلة أحد الرعاة ، فهل للحقيقة صورة واحدة ؟؟!

    نعيمة الطاهر

    ردحذف
  4. نعم ياأحمد .. هكذا تولد الأساطير .. شيء من الواقع وكثير من الخيال .. هذه أسطورة انبلجت من رحم الخوف :( يُخيّل إليه أنه يرى فوق تلك الكتلة جناحين.. دون أن يُشعل الكشّاف اليدوي يتراجع الراعي مُرتعشاً.). على ذلك يمكن أن نعتبر أن للخوف ميزة تكمن في أنه مُغذٍّ للخيال , ورادف من روادفه . أتتفق معي ؟.

    ردحذف
  5. جمال المغربي1 فبراير 2010 في 7:50 ص

    تخيلت شكل هذا الوحش كثيراً, وفي النهاية تكونت صورة له في مخيلتي, ولكنها لم تكن اكثر بشاعة من صورة الوحوش التي تسكننا.

    ردحذف
  6. الأفاضل: سالم الكوّاش.. سهام.. نعيمة الطاهر.. عبدالسلام الحجازي.. جمال المغربي.. مروركم اليوم له وقع خاص.. فأنا خارج ليبيا أحسست بالونس.

    ردحذف
  7. رجاء تحذر لنا صور من القاهرة

    ردحذف